سألني أحباء كثيرون أن أضع معهم برنامجًا أو تدريبًا للصوم، وأخيرًا أُتيح لي وقت وأمسكت بالورقة والقلم وبدأت أكتب برنامجًا وأسماء كتب روحية تُقرأ، وصلوات ومطانيات وقداسات … وفجأة وجدتني أتسأل: «ما هو الهدف من الصوم، حتى يمكنني أن أضع تدريبات معينة تُمارس خلاله لتخدم الهدف؟ هل تُوضع التدريبات دون معرفة الهدف؟» وعنها تركت عني الورقة والقلم وذهبت لصلاة القداس أصلي إلى الرب لكي يجيبني: ما هو الهدف من الصوم الكبير؟
إن الهدف من الصوم معلن في طقس الصوم (الألحان والقسمة وفي القراءات): التوبة والموت والقيامة مع المسيح.
ولكن لماذا نصوم؟ سؤال لابد أن نجيب عليه قبل أن نسأل ماذا نعمل في الصوم.
– نصوم لكي نتوب، أي نرجع إلى الرب أي نستعيد حياة الشركة معه لذا فلنصل ولنقرأ الكلمة الإلهية ولنتناول من أسراره المحيية، نتوب أيضاً أي نمتنع عن الشر والظلم والأنانية والذات والغضب والشره والشهوة الشريرة والكبرياء، لذا ننقطع عن الطعام والشراب ونتذلل أمام الرب باللحن الصيامي وبالميطانية وبالكيرياليسون. لا توبة لنا بدون صلاة وسكون لنتطلع داخل نفوسنا التي ترعي فيها الوحوش.
– ونصوم ونتوب حتى نأتي إلى آلام المسيح لنشترك معه في آلامه وموته وحتى نرى أن توبتنا التي نلنا بها المغفرة لم تكن بلا ثمن، بل بدم ابن الله. كيف نقف مع المسيح في الجلجثة ونحن غارقون في العالميات والشهوات والمشغوليات؟! لذا فالصوم يتضمن الاختلاء مع الله والنفس ولو إلى دقائق كل يوم … ولنفطم أنفسنا عن كل ما هو ليس ضروري للحياة ولنكتف بقوت واحد وكسوة واحدة ولننقطع عن الطعام والشراب حتى نستعد لما هم أصعب من الجوع والعطش أي التألم مع ولأجل المسيح.
– ونصوم لكي ما إذا متنا معه، سنحيا أيضاً معه، نصوم لكي نجوع لله ونشبع بالله ونموت مع المسيح ونقوم معه ونتألم معه ونتمجد معه. هذا ما أجابني به الرب وهذا ما هو معلن في طقس الصوم وقراءاته.
التدريب رقم 1 / الصلاة
لإستعادة الشركة مع الله (هذا معناه رجوع لله أي توبة)، التطلع نحو الله عوض العالم ورفع القلب إلى السماء عوض الأرض.
أ- صلوات السواعي (الأجبية)
باكر أو الثالثة أو السادسة + غروب + نوم
أو باكر أو الثالثة أو السادسة + غروب أو نوم
أو باكر أو نوم + صلاة ارتجالية
ب- الصلوات الارتجالية
يومياً مع الأجبية أو تعويضياً عنها وتكون بفصل من قراءات قطمارس اليوم.
ج- صلاة يسوع (اختيارية)
يا ربي يسوع المسيح ابن الله الحي ارحمني أنا الخاطئ من 33 مرة إلى 100 مرة يومياً.
د- الميطانيات
نصلي يومياً 10 ميطانيات، 9 منهم نصلى فيها من أجل الآخرين والميطانيا الأخيرة، نطلب لأجل أنفسنا. (النزول إلى الأرض حتى تلامس الجبهة الأرض تعبيراً عن السقوط ثم القيام برجاء وفرح تعبيراً عن التوبة، كمن اختبر الموت والقيامة وهو يصلي ربي يسوع المسيح ارحمني انا الخاطئ)
ه- صلوات القداس الإلهي
قداس الأحد الأسبوعي + قداس تاسعة أو حادية عشر مرة أسبوعياً على الأقل – إننا نستعيد مكاننا في ملكوت الله، فالكنيسة في الصلاة هي ملكوت الله ومائدته. والذبيحة الإلهية تُعطى عنا غفراناً لخطايانا والإتحاد بالله في الإفخارستيا هو النقيض لحالتنا الساقطة ونحن منفصلين عن الله.
و- التسبحة
تتميز تسبحة نصف الليل (يوم الأحد) في خلال الصوم الكبير، بالإبصالية التي تسبق الهوسات وهي مشبعة بروح التوبة والانسحاق. ويمكن لكلٍ منا أن يسبح يوميًّا بأجزاء من التسبحة في المنزل باللغة العربية أو القبطية، حسبما يُتاح لكل واحد.
إبصالية على الهوس الأول
إبصالية على الهوس الثاني
إبصالية على الهوس الثالث
إبصالية على الهوس الرابع
التدريب رقم 2 / قراءة الكتاب المقدس
لاستعادة الشركة مع الله ولاستماع صوت الله ولتنقية القلب
1- قراءة فصول قطمارس الصوم يوم بيوم أو جزء منها لو طويلة.
2- الصلاة بأجزاء من القراءات ارتجاليًّا كما ذكرنا سابقاً.
3- القراءة اليومية الخاصة ببرنامج «الطعام القوي»
أنصح بإيقاف القراءة الخاصة والمتابعة مع الكنيسة بقراءات الصوم
التدريب رقم 3 / الانقطاع عن الطعام والشراب
الهدف: الاستعداد لمواجهة وحوش النفس، والتمرن أن الجوع للطعام يمكن أن يُقهر بالشبع بكلمة الله.
كل صوم يشمل ممارسة الانقطاع عن الطعام والشراب لزمن معين ولو ساعة أو ساعتين كبداية ويمكن أن نصوم للثانية عشر ظهراً أو الثالثة عصراً أو الخامسة عصراً، كل واحد بتدرج وبحسب مقدرته وطبيعة صحته وسنه ومهنته وبالرجوع لأب الاعتراف. والانقطاع هو ممارسة لضبط النفس تجاه إحدي شهوات الجسد، كمن بتدرب لمواجهة نفسه وما بداخلها من شهوات وكمن يتمرن أن يجوع ليشبع لا بطعام مادي بل بكلمة الله التي بها يحيا الإنسان. كما أن ما يتوفر لدينا من طعام نتيجة الصوم، فإننا إنما نقدمه للمحتاجين.
التدريب رقم 4 / القراءات الروحية
الهدف: التعليم والاستنارة الروحية وفتح آفاق جديدة للسير في طريق الرب.
ترشيحات لقراءات مناسبة للصوم
– حياة التوبة والنقاوة – قداسة البابا شنودة الثالث
– معالم الطريق الروحي – قداسة البابا شنودة الثالث
-الحروب الروحية – 4 أجزاء – قداسة البابا شنودة الثالث
– الصوم الأربعيني المقدس – الأب متى المسكين
– هجرة المسيحي إلى الله – الأب متى المسكين
– مقالات فى التدبير الروحي – الأب متى المسكين
– فى تعليم المبتدئين – الأب متى المسكين
– حياة الصلاة الأرثوذكسية – الأب متى المسكين
– العظات الخمسون للقديس أنبا مقار الكبير
– رسائل القديس العظيم أنبا أنطونيوس
– بستان الروح بأجزائه الثلاثة – المتنيح نيافة أنبا يوأنس أسقف الغربية
– كتابات الأب أنتوني كونيارس عن الصوم
– أحاد الصوم الكبير – المركز الأرثوذكسي لدراسات الأباء
– صوم نينوى والصوم الكبير – الراهب الأب أثناسيوس المقاري
التدريب رقم 5 / الصمت المقدس
الهدف: الدخول لأعماق النفس واكتشاف ما بها من الانحراف
انحراف النفس كثيراً ما يختفي وسط مشغوليات وأحداث اليوم والمسليات المتنوعة ودوشة الفيسبوك والسوشيال ميديا … لذا لابد أن نقتطع وقت الترفيه ونحوله لصمت مقدس يتكلم فيه الرب لقلوبنا بروحه الساكن فينا. (من 15 دقيقة حتى ساعة كل يوم بحسب ظروف وطاقة كل شخص.)
التدريب رقم 6 / سر الاعتراف
الهدف: جني ثمار الصوم بالإقرار بخطايانا وبرحمة الرب وتحقيق المصالحة معه
جلسة أو أكثر مع أب الاعتراف على مدار فترة الصوم المقدس
التدريب رقم 7 / سر الآخر (سر القريب)
الهدف: الله في الآخرين
قال القديس أنبا مقار «لا يوجد طريق آخر به نخلص إلا من خلال قريبنا». وهذا فهمه لما قاله رب المجد في إنجيل متى أصحاح 25 حينما تكلم عن أنه كان هو الجوعان والعطشان والمريض والوحيد والمسجون … لذا فعلينا أن نصلي كل يوم أول النهار: يارب أعطني أن اصنع معك رحمة في هذا اليوم وأنر عيني حتى أراك في الآخر الذي هو أخي وقريبي! وهذا يشمل العطاء (عطاء المال – عطاء الوقت – عطاء الجهد – عطاء المشاعر والكلمات)